كشفت صحيفة الجارديان في تقرير لتوم ليفيت عن واقع مراكز احتجاز سرية في السعودية تُعرف باسم "دار الرعاية"، حيث تُرسل الفتيات والنساء بسبب عصيانهن للأهل أو العلاقات خارج الزواج أو مجرد الغياب عن المنزل. رغم حملة السلطات لتقديم صورة إصلاحية للعالم، إلا أن هذه المراكز تواصل احتجاز النساء تحت غطاء "الرعاية" بينما تمارس عليهن أنظمة عقابية قاسية تُقارن بالسجون.

أظهرت صورة حديثة فتاة على حافة نافذة في مدينة بشمال غرب البلاد، حاولت على ما يبدو الهرب من إحدى هذه المؤسسات. أخرجها رجال عبر رافعة، في مشهد نادر يكشف جزءًا من معاناة مئات النساء داخل هذه الدور.

شهادات متعددة حصلت عليها الصحيفة على مدار ستة أشهر وصفت هذه الأماكن بالجحيم، حيث تتكرر جلسات الجلد أسبوعيًا، وتُفرض دروس دينية قسرية، ويُمنع التواصل مع العالم الخارجي. تحدثت تقارير حقوقية عن محاولات انتحار داخل الدور بسبب المعاناة. وتبقى النساء محتجزات لفترات طويلة، ولا يُسمح لهن بالمغادرة إلا بموافقة ولي الأمر.

شابة سعودية أكدت أنها حاولت الانتحار عند علمها بإرسالها إلى "دار الرعاية"، قائلة: "نشأت وأنا أخاف من هذا المكان. كان جحيماً حقيقياً".

أوضحت الناشطة السعودية المقيمة في لندن، مريم الدوسري، أن الفتاة تبقى هناك حتى "تتقبل القواعد". فيما أكدت الناشطة سارة اليحيى أن الفتيات يخضعن عند الوصول لتفتيش جسدي وفحص عذرية، ويُعطَين مهدئات لإبقائهن نائمات. تقول اليحيى: "يطلقون على بعضهن أرقاماً. من تتحدث باسم عائلتها تُجلد. من لا تصلي تُجلد. من تُضبط برفقة فتاة أخرى تُتهم بالمثلية وتُعاقب أمام الحراس".

شهادات أخرى كشفت عن تهديد الفتيات بهذه الدور منذ سن المراهقة. اليحيى نفسها عاشت هذا التهديد منذ سن الثالثة عشرة عندما رفضت خضوعها لتحرش والدها. وأضافت أن الضحية غالبًا تُعاقب بينما يُترك المعتدي، بحجة حماية سمعة العائلة.

أمينة (25 عاماً)، لجأت إلى دار في مدينة بريدة بعد تعرضها للضرب من والدها. وصفت المكان بأنه "قديم ومخيف"، والموظفين بأنهم "ساخرون ولا يبدون تعاطفًا". طلبت فقط ألا تُضرب أو تُجبر على الزواج، وأن يُسمح لها بالعمل، بينما اشترط والدها الطاعة الكاملة، والموافقة على ولي مرافق دائم. وقّعت أمينة على هذه الشروط تحت التهديد، ثم عادت لتواجه الضرب من جديد، ما دفعها في النهاية للهرب إلى الخارج.

شمس، فتاة أخرى، روت كيف زارت سيدة من دار الرعاية مدرستها لتحذير الطالبات من العلاقات.

ليلى، التي لا تزال في السعودية، أُخذت إلى الدار بعد تبليغها عن تعنيف والدها وإخوتها ونشرها عن حقوق النساء. لم تخرج إلا بعد موافقة والدها، رغم أنه المعتدي.

ناشطة سعودية فضلت عدم ذكر اسمها أوضحت أن كثيرات يُنسين داخل هذه الدور بلا جريمة، ولا يُفرج عنهن إلا بموافقة ولي أو زواج أو محاولة انتحار. بعض الرجال المسنين أو السجناء السابقين يلجأون إلى هذه الدور للبحث عن زوجة.

فوزية العتيبي، ناشطة فرت في 2022، أوضحت أن لا أحد يجرؤ على الحديث عن هذه الأماكن علناً، ولا أحد يسأل عن من تدخلها، حيث تُحمّل الضحايا مسؤولية مصيرهن.

طالبت منظمات حقوقية مثل ALQST بإغلاق هذه المؤسسات وإنشاء ملاجئ حقيقية تحمي النساء بدلاً من معاقبتهن. أشارت نديين عبد العزيز، مسؤولة الحملات في المنظمة، إلى أن هذه الدور تكرّس التمييز وتُناقض خطاب السعودية الرسمي عن تمكين المرأة.

في المقابل، أكد متحدث حكومي وجود مراكز رعاية متخصصة تقدم الدعم للنساء المعنفات، نافياً وجود احتجاز قسري أو إساءة، مشيرًا إلى أن النساء داخل هذه المؤسسات يمكنهن المغادرة وقتما شئن دون إذن ولي.

لكن واقع الشهادات التي نقلتها الجارديان يكشف عن فجوة كبيرة بين الرواية الرسمية والتجربة الفعلية للنساء داخل "دار الرعاية"، التي لا تزال أداة سلطوية لتأديب النساء وإخضاعهن باسم التأهيل.
 

https://www.theguardian.com/global-development/2025/may/28/saudi-arabia-women-girls-rehabilitation-prisons-dar-al-reaya#img-1